أحلام الفئران

12/5/1991

أخي الأعز ورفيق الصدق في الدرب والعطاء
الأستاذ شربل حفظه الله..
تحية النسب الذي جمعنا، وقد تزيّا به غيرنا وسماه أدباً وهو ليس بالأدب..
وبعد..
فكلي أمل أن تكون بصحة وعافية، وأن يظل قلمك سيفاً سحبته من غمده ولن يعود إليه.. وآمل أن تكون الوالدة الكريمة بخير وعافية.

أتمنى أن تسنح لك الفرصة ولو ساعة أو بعض ساعة، لتتكرم عليّ بقراءة (من تحت لتحت) التي عانيت من أجل نشرها الكثير، إذ أصبحت بهذا الحجم وقد ارتضيت بما كان، وحذف ما وجب.. وقد كان..

ولعل الفنانة نجوى عاصي تحين لها فرصة قراءتها، إذ ليس المهم اللهجة، فبالإمكان أن تكون اللهجة حسب قدرة الممثلين ولهجتهم المناسبة لدورهم، وكل له دوره في مؤسسة الاخاء اليومي لمحرقات الشعب.

ليتك تعلمني عن مقدمة المسرحية، فقد اعتبرها أحد نقاد المسرح ـ من بلاد برّه ـ طبعاً انها تحمل إيديولوجية الفن المسرحي.. فما ارتضيت بكلامه لأني لا أحب الطلاء ولا بودرة المساحيق، أريد الابتسامة على شفتين صادقتين بلا مراءاة او دجل.

أما السفر إلى لندن، فسيكون بإذن الله في 24/6، وسأبقى شهراً وقليلاً من الأيام. سأرسل لك من عاصمة المكائد والمسرات رسالة أخبرك بما سيتم من أمور جديدة. ربما ألتقي بزوجة تحمل عني المشاكل اليومية.. ربما.. ربما.. وإلى الآن والامور تتجه نحو الأحسن، إذ لا يمكنني أن أعيش بوحدة وغربة، فابنتي لينة تسكن معي، لكنها بعد أشهر ستغادر منزلي إلى منزل مع من تختاره، وهكذا الحياة تدور.

أما قولك: ان شاء الله نعود جميعنا إلى الربوع السماوية، ونلتقي بأحبائنا، فأرجو ذلك.. وأنت تعلم إذا عدت إلى دمشق يصعب علي الخروج منها لأسباب أنت أدرى بها. لهذا أتمنى أن نلتقي معاً في لندن، فابنتي وفاء تحمل في تعاملها كل ما نشأت عليه من تربية والدتها المرحومة، فهي ألأكرم والأرحب، لكنها عصبية المزاج لأبيها، سامحني الله.. هكذا جبلت.

أشكر لك تكرمك بتوزيع القصة على الأصدقاء والأحبة، وشكراً لهم على ثنائهم بأسلوبي، إنه اسلوب متواضع جداً.. وما زلت أحاول طبع ونشر وتوزيع بقية قصص الأطفال، والمواعيد كثيرة، والعيون فارغة، والأيدي تصافح وتطعن.. وبعد أن شب الحريق في الوطن ودخلنا النفق المظلم.

هذه ساحرة سندريلا تداعب أحلام الفئران لتجعلهم طواويس يسيرون على دماء الشعوب، ويستعذبون صراخ الثكالى:

أمتي، كم صنم مجدته

لم يكن يحمل طهر الصنمِ

هذا بيت لعمر أبي ريشة، حفظته ورددته وكدت أدفع حياتي ثمناً لتلك القصيدة.. ثم قرأت: إنما الميت ميت الأحياء..

مع كل التحية والتقدير لك وللاخوة أعضاء الرابطة، ولكل من يحب العدالة والحرية والصدق بالتعامل..

مع تحيتي للأخ شوقي، وضمن هذه الرسالة كلمة دافئة عن كلماته الثائرة، ولا بد للحق أن ينتصر ولو طال النفق، وكثر المنافقون، واشتدت أواصرهم. وإلى اللقاء..

أخوك
محمد زهير الباشا
**