مواجع الكلمة والوطن

5/8/1991

إلى الأخ الأعز شربل بعيني المحترم
ألف تحية وألف سلام.. كل التحيات إليك من قلبي الذي يودك أن تشفع لي بهذا التقصير.. إنه الزمن الذي يحرّك فينا مواجع الكلمة، ومواجع الوطن أعاصير صحراوية مرة، دروع البادية مرة، انتشار سريع لقوات لا تدري من أي ثقب مرة أو ألف مرة.. وأنا في لندن مدينة السياسة والتقلبات والمصائد وتركيز المكائد، مثل طقسها وضبابها وأمطارها، ونحن كما قلت مرة في المسرحية: غارقون في الجهل والتجاهل، يهمنا أن نسمع دويّ التصفيق لسكان الشرفات المطلة على الشوارع الملأى بالمسيرات المسيّرة، وويل لمن يفكر في ذهنه، ولو بلمعة واحدة، أن يحمل لافتة سجل فيها مشاعره نحو تلوث المياه، أو نحو غبرة الأحقاد الممزوجة في أرغفة السياسة العربية.

وأخيراً، صدرت غربة، وبين يديك صفحات سعيت كل جهدي أن تصدر قبل أشهر وأشهر، فالرغبو متوفرة، لكن حبائل الشيطان المتأمرك بدأت تدس أنفها في كل صفحة، وصبرت على ذلك، حتى رأت النور، وأنا في مدينة الضباب الملون وفق الشوارع والأقبية.

أحييك، فقد أصغينا بقلوبنا إلى الفيديو في يوم لبنان، بل وصل الفيديو إلى مدينة أوكسفورد، وتعرّف أدباؤها العرب على هذا النشاط الأدبي برعايتك، ورعاية أعضاء الرابطة الذين قيدوني بمعروفهم.

لا أدري ما الذي تم بشأن تكريم الاستاذ مدحة لنيله جائزة جبران؟ المهم بالأمر أن نكرمه..

أخي شربل..

أرجو أن أطمئن على صحتك أولاً، وعلى مشاريعك الأدبية والفنية، وما أخبار الجالية العربية ونشاطاتها؟

تحياتي إلى الاخوة: كامل، فؤاد، عصام، جميل، نعيم، عصمت، زين، راشد، جوزاف، أنطونيوس، الياس، كلارك، أكرم، فؤاد نعمان..

وطبعاً ذهبت إلى لندن وحيداً وعدت إلى واشنطن ومعي الحرم المصون كما تقول اللغة، وقد تم ذلك القران في 8/7/1991، فأنا غير قادر على طبخ قطعة من البطاطا في مقلاة زيت، فكيف بالطهي على أنواع التوابل؟

على كل ولله الحمد.. بانتظار رأيك في غربة، وبانتظار كلماتك النابعة من صدق عواطفك، أتمنى لكم جميعاً دوام الصحة والسعادة. وإلى اللقاء..

أخوك
زهير
**