‏إظهار الرسائل ذات التسميات متى يتم الطوفان؟. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات متى يتم الطوفان؟. إظهار كافة الرسائل

متى يتم الطوفان؟



فرجينيا ـ الاسكندرية/17/2/1994

الأخ الأحب شربل بعيني.. حفظه الله من كل سوء..
سلاماً وتحية وبعد:
فقد وصلتني الكتب، وأنت مع الوفاء نذر بالعهد، تعجب من يعشق الحرف ويهوى الزجل. وأنتم بعيد أو قبيل أيام عدتم إلى التدريس، ونحن غارقون به حتى وصلنا الى نصف السنة الدراسية.

الحريق والسموم والهزات الأرضية، وارتجاج الاعصاب، تحتاج كما قال المعري:

الأرض للطوفان محتاجة

علها من درن تغسل

فمتى يتم الطوفان؟ ومتى تغسل النفوس والابدان، وأرضنا العربية ماهرة بهزات البطن، وتموجات السرة، وقبض الدولارات على النهود والزنود وبريق الأطافر، فهلا ازداد تمسكنا بالشعر لنهرب من أنواع القرف، فهزات البدن، وما أكثرها، وما أقساها، فقد تخرجنا كلنا نحن الهاربين من مدارس الزنزانات المقدسة، زيتها يضيء، يمنح، يجرح السواعد، يضني ألجفان، لكن زيت الشجرة المباركة فيه تقديس الأرواح، فمن يمسح على الجراحات كلماته المباركة؟ وهل ظلت في دنيا الشعر كلمة مقدسة وصادقة يكاد حرفها يضيء كل النفوس؟ فماذا تفسر وقد كثر المفسرون؟

أمة تملك أقوى عنصر في هذه الحياة المادية: الأموال والمجوهرات، لكنها الأمة الأكثر ذلاً واستكانة..

أموال العالم كانت مع العرب واليهود.. الآن.. انظر ما الذي حل بالثروات البشرية والطبيعية:

إن الهوان حمار الأهل يعرفه

والطرف ينكره والجرة الأجدُ

ولا يقيم بدار الذل يعرفها

إلا الأذلاء: عيرُ الأهل والوتدُ

هذا على الخسف مربوط برمته

وذا يشجّ فلا يبكي له أحدُ

فما بال هذه الأمة باتت كالأوتاد، وليس أذل من وتد؟

حديث يطول ويجدي ولا يجدي، وكان من الواجب عليّ أن أرسل هذه الحروف بأسرع وقت، لكن ديوانك (قرف) طغى عليّ وألزمني أن أسجل هذه الكلمات الحزانى على أمة لم تعرف إلا الحزن والدمع، بعد أن تخلت عن شيء عظيم في حياتها: إنه الحب.. الحب الذي أمتناه في قلوب العذارى، وحذفنا من أغمدة السيوف، وسلبناه حقه.. حقه في الحياة!..

ولما بات الحب جريمة لا تغتفر ماتت الأرواح، وضاعت القيم، وأبحرت من النفوس مشاعر الصدق.

أخي الأعز..

أرأيت الذي.. بدأت أصابع المطبعة تنسج صفحاته، بعد أن وصلتني صورة الغلاف. دعواتك الطيبة كي يرى النور بأقرب فرصة، ليكون أقرب الكتب إلى قلبك.. أرجو ذلك.

مع تحياتي للاخوة اعضاء الرابطة.

أخوك
محمد زهير الباشا
**