صحة القلم

فرجينيا/9/6/1990

أخي الحبيب أعزه الله وأبقاه ذخراً للكلمة الشريفة: الشاعر شربل بعيني المحترم
وإلى الاخوة والاصدقاء وبعد..
فقد عدت من زيارة ابني وسيم إلى البيت المهجور من البسمة الضاحكة، لأنقض على الورقة والقلم، وأبدأ بتسطير هذه الكلمة، ولا أدري والله ما الذي دفعني إلى هذه ألأسطر، وأنا أصغي ولا أصغي إلى مسرحية صوتية ـ قطر الندى ـ وكيف زفت إلى ابن الخليفة العباسي، وكلفت ما كلفت من بذخ وعطور وحراير وإبل وفرسان، وهل هي صرخة في وادي التاريخ الذي ندفن به الانهزام والانكسار، ولم يعد أحد يفرق بين اللون الأبيض والأخضر.. هل أصبحت الكلمة تسير على حصير من درر وياقوت؟ وهل بقي للأديب إلا الحصير دون الياقوت والدرر؟

كم أسفت وللأسف، كم كثرت كلمة (آسف) لم ننتصر في معركة غير متوازنة، لا أريد أن أغوص في الألغاز وكأن الكلمة مكممة، والسيوف مكحلة، ، والأقلام مصون!

كيف صحتك وصحة الأسرة أولاً وأخيراً؟ كيف هي صحة القلم؟ وللقلم جسده وروحه وفيضه ودموعه وأفراحه..

كيف صحة المشاريع الأدبية والفكرية؟ وشكراً للأخ نعمان في مقالته عن الأخ كلارك بعيني، فهو يستحق كل الشكر لما بذله في كتبه حول: شربل بعيني بأقلامهم.

كيف أحوال الاخوة في رابطة احياء التراث: الأخ كامل، والأخ فؤاد ونعيم والأيوبي، فلهم علي فضل الأخوة والوفاء ما دام القلب يتطلع إى نور القمر حتى يحيا بموجاته؟

ما زلت أنتظر نهاية المرحلة الأولى من الطباعة الأولى حول المتنبي يجلو مقلتي نسر. الشيء الوحيد الذي أنجز هذا ألأسبوع تلوين ورسم الغلاف. كما تناول الفنان الرسام قصتي الأولى للأطفال بعنوان العصفور الجريء. أرجو أن أنتهي من هذه الخطوات لتبدأ الطباعة قريباً.. ولقد أرسلت إليك كلمتي عن معزوفة الحب التي أسمع نبضاتها في أعماق فؤادي، وفي هذه الرسالة أو معها كلمة صرخة في الذكرى المشؤومة الخامس من حزيران 1967، عنوانها: من أنت؟ وبين حروفها شواظ من غضب على كل من ادعى أن الهزيمة ما حدثت، فالحرب معركة واحدة، فإن هزمنا بمعركة ليس معناها هزيمة في حرب. هذه الفكرة كان قد أطلقها الجنرال ديغول ونحن أعجبتنا وتبنيناها بكل ما فيها من فكرة سياسية جريئة أعادت لفرنسا حريتها، رغم هزيمتها الأولى على يد المارشال بيتان. فكم لدينا من مارشالات يا أخي؟ وكلما كثرت العروش، وكلما كثرت النجوم على الاكتاف تخاذل الشعب، وانحسرت الانسانية وفنيت عزة النفس، ونحن ندور في فلك غريب الدوائر!

لعل الناس لم يقرؤوا ما قاله أستاذنا الشاعر المتنبي:

كل يريد رجاله لحياته

يا من يريد حياته لرجاله

وضعنا، فلا رجال ولا حياة، وبقي الكل بالكل.. والله أعلم.

وأنتظر ظهور النادي العربي للصداقة بواشنطن لأسهم ب على قدر استطاعتي، وأهل الادارة يفكرون كما ذكرت لك إنشاء مجلة شهرية أو فصلية، وعرضت على المسؤول فكرة مساهمة إدباء الرابطة فرحب. نرجو أن تتم الامور على خير وسلامة.. أرجو ذلك.

آه يا أخي.. جئنا في عصر لا تستطيع أن تعرف فيه حقائق الأمور ومن المسؤول عنها؟ من أوجدها؟ لمن اتخذت؟ لمن أصبحت؟ ألف اشارة استفهام والاجابات متعددة وكلها مقبولة.

قل لي بربك ما هي نتائج حرب العراق وإيران؟ ما هي نتائج الاقتناص والاقتتال في أرض الرب.. الارز؟

ما أسبابها المباشرة وغير المباشرة؟

لماذا ألغينا العقل والقلب والاصغاء إلى كلمة الحق؟ لماذا؟

أيجب علينا أن ننتظر السنين والسنين لنعرف المخبآت في الجلسات المغلقة؟

لماذا تغلقون أبواب قاعات جلساتكموقد ذهبتم والتقيتم لتبحثوا قضايانا؟

أم التقيتم لتبحثوا قضاياكم؟

نحن في عصر الأسرار التي لم يعرفها بعد علي بابا والاربعون لصاً.. فاللصوص حين تحكم أو تسرق تخفي ما سرقت وما فعلت وما ستفعل.

أخي الأعز..

اشتقت لكلماتك ولحروفك النيّرة الغاضبة فلا تبخل عليّ.. وأنت في شعرك ونثرك واحة تسقي العطاش، فكيف بقلبي الذي اعتاد أن ينهل من صفاء نفسك وطيب مروءتك.

وإلى اللقاء..

ألم تفكر بزيارة هذه الأرض الجديدة؟ مجرد فكرة أرجو مخلصاً أن تنفذها، فأنا لا أستطيع مغادرة هذه البلاد لأمور أنت تدري ما أسبابها، لأني أنتظر حصولي على البطاقة الدائمة للإقامة. والله الموفق . واسلم لأخيك.

أخوكم
محمد زهير الباشا
**