قيمة الشعر

فرجينيا/2/4/1990

أخي الاعز شقيق الروح والقلب شربل
تحيّاتي وأشواقي وبعد..
فألف شكر لما قدمته وتقدمه إليّ رغم هذه المحيطات التي تبعد شواطىء الأطلسي عن شواطىء أستراليا، لكنها ما استطاعت ذرة من المحيط أن تبعدك عني لحظة.
وسلمت يداك، فقد وصلت إليّ الكتب مع الشريط، فأكرر لك امتناني، وهذا ما أملكه ، هو الاعتراف بما غمرني به أهل مجدليا، وأهل الأدب في الرابطة، ولم يبقَ أمامي سوى الانغماس أكثر فأكثر في الكتب والدراسات والكتابات لأغيب عن الواقع الذي أفردني في الظل وحيداً.. فالأمل كل الأمل أن أواظب الغوص على اللآلىء في مظانها.

أخي الأعز..
ما زلت إلى الآن أحاول أن أشد نفسي إلى قلبي، فينغمس القلب في ثنايا معزوفة حبك، فالحب معزوفة مغناة بين أناملك، فدعني أغني زجلياتك، وتحلو لحظات استيعابها، وقد اشتد بك البوح، لكنك اختصرت وأوجزت فأعجزت.. وأنا المنتظر منك أن تطول نفحات هذا الحب لأتنعم به، فلماذا جاء ديوانك على الإيجاز والقصر؟ ففي كل زجلية درة ذات وهج سابح في خيال مجنح من واقع، فما أن تبدأ أناملك العزف، والوجد يضني، والشوق يضني، حتى تنتقل بنا الى معزوفة جديدة، وطبعاً لا قيمة للشعر إلا بدرره ولآلئه لا بعدد كلماته وصفحاته.

وأنت تعيش في هذا الديوان على أرق مبدع، وقلق ينطلق بك إلى عالم السحر، عالم الغناء والعشق، وسيكون بين يديك ما تقرؤه من ترانيم مستقاة من ديوانك وزجلياتك، فنحن في درب الهوى، هوى الكلمة الصادقة، هائمون.. وفي درب العزف على أوتار المحبة صامدون، صامدون هذه مسروقة من أهل السياسة فاعذرني، إذ بقي أهل السياسة وغاب الصامدون.. وفي الساحات الصامتون وحدهم يعزفون نشيد الحرية.

رب أنطقنا بالصدق وحده، ونحن على درب الحق مسالمون، لكن كلمة الحق سيف في وجه فرعون.

أخي شربل..
حمك الله وحفظك وللوالدة الكريمة كل تحياتي، راجياً لكم دوام الصحة والسعادة والهناء.

ملاحظة: تحت إلحاح الأكاديمية بدأت بالتفكير جدياً حول انشاء مسرحية تعتمد على المقامة البغدادية للهمذاني، فتقدم على خشبة المسرح بالأكاديمية، وتليها مقامة حول مهاجر تلاحقه الفواتير، سأنهيها، وسأخبرك بالذي يحدث.. فما رأيك؟

كما أنهم طلبوا مني أن أكتب زاوية في المجلة الأسبوعية للأكاديمية واسمها الرسالة، إذ لم يستجب للرسالة أحد من المدرسين، فتقدمت بهذا العنوان الدائم: نقطة ضوء من حبر.. وإليك نسخة من هذه النقطة التي أفسدت العلاقات بيني وبين بعض الأساتذة الين يحتجبون عن تقديم أي اشتراك، لوجه الله، فهم يودون أن يدفع لهم على كل كلمة، أما أنا ولله الحمد، فلا أتجمد أمام رغبات الأكاديمية، فليس بالخبز وحده يحيا الانسان، لكنه بالحب وحده تحيا البشرية ولله في خلقه شؤون.

أحييك وإلى اللقاء..

مع هذه الرسالة بعض الملامح عن الشعر والكرامة، وشاهدنا ما ورد في ديوان المتنبي أستاذنا الاول في الشعر.

أخوك
محمد زهير الباشا
**