فرجينيا/12/2/1989
الأعز.. خيي شربل
تحيّاتي الصادقة أبها الأخ الأحب، الأخ الذي أحببته بكل الصدق، وبكل الوفاء والمودة.. ولا تسألني ما السبب؟ وما الدوافع؟
فأم العيال تهديك وتهدي الوالدة الكريمة تحياتها، وإلى الشفاء.. في كل صباح دلائل خير ولله الحمد.. لكنها رغبت بأن تهديها شريطاً تسمع فيه بوحدتها صوتك، وأنت تروي لها غزلك، مواقفك، غضبك، هجرتك، فأكثر أقاربها في لبنان لا تدري ما هو مصيرهم.
خيي.. كيف أستطيع أن أكتب حرفاً واحداً بدون مشاعر وأحاسيس؟ أي جملة أو سطر أتمكن من تسجيله دون أن يختمر ويتفاعل ويضيء لي طريق وجوده، فيرغمني على الكتابة، ونسميه إلهاماً، اما وحياً فهذا للأنبياء والمرسلين!
المعاناة واحدة بين زجلياتك وشعرك ونغماتك العلوية، وبين ما عشت فيه بكل الصدق وبكل الوفاء. وسأزودك بكل ما تنشره الثقافة عن كتابتي المتواضعة جداً، وبهذا وعدني الأخ نعمان.
وللأخ كلارك كل الشكر، وكل الفضل، لما يتكرم به، فيسجل ما ينشر عن خيي شربل في كتاب.. ألله معه.
وكم قرأت في عينيّ أم البنين الدموع والفرح معاً في رسالتك، وأنت تدعوها إلى بيتنا في أستراليا.
ومع الامتنان للشاعر عصام ملكي، وما تكتبه أنت في (ستوب) صدى لبنان، وإن مواقف الأدباء الاشراف تجاه هذه الدراسة يجعلني أنحني لهم بكل التواضع والأدب الجم، شاكراً لهم كل كلمة وكل تعليق وكل رأي.
إنني أحاول الصمود والتجلد، ولا تنسَ خيي شربل أنني مواطن رقم الدرجة تحت المئات.. أي مواطن من دولة الصمود، صمود الكراسي والمزارع والقصور والذهب ووو.. أحاول التجلد في هذه الغربة، خاصة زأن التدريس يلتهم طاقتي، وليس من عادتي أن أضيع دقيقة واحدة على طلابي مهما كان الوقت والواجب.. لهذا فإني أعود إلى البيت لأستريح من العناء والتعب، والوقت الذي أبدأ به من الساعة السادسة وصولاً إلى الساعة الرابعة والنصف والخامسة. على كل الحمد لله والشكر له بأن تهيأت لي فرصة هذا العمل المضني جداً.
أما النشر.. فقد تعجّب أصحاب مجلة (الأمة) الأسبوعية لهذه العناوين التي أرسلتها إليهم شريطة أن يبقى العنوان الدائم كما يلي: أعلام معاصرون في الأدب المهجري.. لكنني أفاجأ بعناوين جديدة.
المشكلة أني لم أستطع حتى الآن أن أقتني سيارة أتمكن بها من التجوال بين فرجينيا وواشنطن دي سي.. فالمسافات واسعة، والسير صعب، ومع ألأيام والأشهر القادمة يمكن أن تحل أزمة السيارة. وضمن هذه الرسالة ما تمكنت من نشره في صحيفة الأمة.
وأرى أيها الأخ الأحب أن نتفق على ما يلي وما اختلفنا مرة بالمواقف، وإن كانت هناك آراء جديدة تخدم النقاط التالية فأنا معك:
أـ ضمن هذه الرسالة: قصة نخلة في صحراء لتنشر بموافقتك، وموافقة الاستاذ جوزاف بو ملحم، وإني لأشكره على كلمته الرائعة: بيكتب ع قلوبنا قبل صفحاتنا.. آه يا خيي شربل، من أين آتيه للأخ الأستاذ جوزاف بكلمة طيبة مثل كلمته؟
سأتابع إرسال قصصي إثر بعضها البعض، لتكون هذه القصص خلال فترة قد تجمعت في كتاب يمكن نشره، وهو يحتوي على قصص قصيرة ذات مغزى إنساني. لا أريد أن أشرح المغزى، فأنت أهل لكل مغزى ومعنى.
ب ـ لديّ مجموعة من قصص الأطفال على ألسنة الحيوانات والطيور وو.. فهل تفضل إسالها دفعة واحدة؟ أم أرسلها قصة إثر قصة؟ لتجمع فيما بعد فتنشر كل قصة مع رسومها وألوانها بالعربية أولاً، ثم تترجم إلى الإنكليزية.. ما هو رأيك؟
ج ـ أنهيت دراسة حول المتنبي برؤية نقدية جمالية: المتنبي يجلو مقلتي نسر. ما رأيك بإرسال هذه الدراسة مع قصائد مختارة للمتنبي.. الدراسة ثلاثون صفحة فقط، يضاف لها عشر صفحات من شعر المتنبي، فتكون دار النشر.. دار خيي شربل قد أخذت طريقها.
هـ ـ في هذه الرسالة نموذج متواضع لأغنية: شارع المواويل.. وأنت الأدرى بالموسيقار الذي يلحنها.. رما الملحن بسام بادور. وأنت الأدرى بالمطربة التي تغني هذه ألأغنية.. ربما ترشّح لها الفنانة عايدة شلهوب أو نجوى كرم أو هند جبران.. أو.. أو.. فإذا وافقت مطربة على كلمات هذه الأغنية ووافق الماحن، فأنت خيي شربل تضمن لي حقوق هذه ألأغنية، ولدي طبعاً مجموعة من الزجليات والأغنيات رفضت بإباء أن تقع فريسة لدى الذئاب من أهل الفن والابتزاز.
أتمنى من كل قلبي أن تجد اقتراحاتي هذه مجالاً خصباً ليديك، فتكون هذه الدراسات وهذا النتاج تحت ظلك أيها الأخ..
* مجموعة قصصية
* قصص للأطفال
* رؤية جمالية نقدية.. الخ..
فإني أخشى على كلماتي من أن تبتلعها الظلمة ويجففها غبار الزمن، لذلك أضع بين يديك هذه الاقتراحات.
ثم نعود إلى ما كتبته عن أدب المهجر في كتاب خاص.. واعذرني إن تجرأت وقدمت إليك مجموعة من آراء.. وليت ابطة إحياء التراث العربي تشارك في هذا النشر إن رأيت ذلك سهلاً أو ميسوراً وأظن نفقات النشر تعود بالخير والنفع على الجميع.
خيي شربل..
كلي أمل ورجاء أن تتيسّر هذه الأمور بهمتك وإخلاصك، فنعمل خطوة إثر خطوة لنقدم إلى هذا التاريخ نموذجاً عملياً مخلصاً.. لا تهمنا مظاهر الحضارة الزائفة يكفي أن نغطي الساحة ألدبية بالعمل المخلص دون أي خسارة مادية طبعاً..
ثق تماماً أنني لم أنسَ ما كتبه ألأخ كامل المر، ولا ما كتبته الأديبة د. عطار، ولكن كما قلت لك التدريس ينهك أعصابي ويتلف ما تبقى لي من صبر. فقد طلبت مني مجلة ألأمة دراسات حول الشعر العربي المعاصر.. لكني لم أجد الفسحة المناسبة لقراءة الأدب المعاصر.. خاصة وأن مكتبة الكونجرس تبعد ساعة ونصف الساعة ذهاباً.. والعودة تحتاج إلى ساعتين وأكثر.
سأحاول بذل جهدي لأقوم بالوفاء للأخ كامل وللدكتورة عطار.. وقد أرسل إلي رئيس كتاب وأدباء الأردن مجموعة من دواوينه، فشكرت له هذا الوفاء، ولكن أين الوقت والراحة؟ إذ يجب عليّ أن أعمل خمسة أيام من أجل أن أعيش على كدّ يميني وعرق جبيني.. فابني تميم ووسيم كل منهما يعمل ويتعب من أجل أسرتيهما.. ألله يوفقهم.
خيي شربل..
بانتظار رسالة منك، وكلها كما عودتني فأنت مشعل خير وبركة.
تحياتي المعطرة بأريج المودة والإخلاص للوالدة الكريمة وللأخ كامل، والاستاذ جوزاف بو ملحم وأنطوان سابيلاّ، وللأب يوسف سعيد، ومطانيوس مخول، وعصام ملكي، وطوني سعد، وماري ميسي، وفؤاد نمور، وعصمت الايوبي، ومطانيوس بو رزق، وإلى أسرة دار راليا للطباعة.
خيي شربل.. يا بن الكرام، ألم تذكر معي قول المتنبي:
ضروب الناس عشاق ضروبا
فأعذرهم أشقهم حبيبا
إلى اللقاء في رسالة تلبس الأعادي دماؤهم، كما يقول أستاذنا الكبير أبو الطيّب.. متمنياً للجميع ولقلبك الكريم أن يتحمّل أمنيات خيّك زهير.
وحلمي ألول الآن أن نلتقي.. أن نلتقي.. فكاسك خيي شربل..
واسلم لأخيك
محمد زهير الباشا
**