شبر عربي

فرجينيا/25/3/1989

الأخ الأعز الشاعر الذي يغرد في حلكة الأيام

الأستاذ شربل..

تحياتي وأشواقي وبعد

فأرجو لكم وللإخوة جميعاً دوام الصحة والازدهار والمزيد المزيد من المودة والالفة..

تأخرت عني رسائلك التي تشفي النفس، والتي تجعل الدنيا على صدقك ونبلك مرحلة من وجود يمكن أن يستساغ.

أخي الأعز..

أرجو أن تصلني رسائلك وهي تحمل البشرى مع البشرى، فقد صاغنا الكون إخوة وأشقاء في الروح والنفس والعزاء، وأرجو أن تنال اقتراحاتي إليك موضع التقدير والتنفيذ، فلنضع أيدينا مع بعض في عمل يخدم التراث والأجيال.. لنحاول أن نتخذ من البحث عن الله وعن الجمال نبراساً لكل العاملين في دنيا ألأدب.

أغرب ما صادفني في هذه الغربة، المحنة القاسية، أن قوماً من ألصدقاء لم تعجبهم غربتي إلى ألأرض الجديدة.

أخي الأعز..

ماذا أعمل وقد جربت أن أهاجر إلى أستراليا ولندن وكندا، ولكن هل في الوطن العربي (شبر) عربي، مثلاً، يتحملني ويتحمل أسرتي؟!

ألم تعتبرني دولة شقيقة مرة أني أجنبي، والأجنبي غير العربي، تمنحه كل التسهيلات والابتسامات؟

فوالله.. لو أني وجدت شبراً في أرض عربية لهجرت دمشق وأنا قلبي يتقطع على مياه بردى.. كيف توزع على أحياء دون أحياء.. وكنت أفكر بالهجرة إلى لبنان، وقد أمضيت سبعة أعوام طفولتي ألأولى في بيروت، فأنا أعشق بيروت.. كنت أعيش في شارع المعرض، لكن الأقدار قذفتنا إلى دمشق الشام.

كانت فكرة الهجرة إلى أرض الجزائر، أرض آبائي وأجدادي، لكني صدمت لما وجدت كل عقاراتي ومزارعي وأموالي المتوارثة قد أصبحت في ذمة الله، وأنا الذي خسرت في ثورة الجزائر كل شباب ألسرة، وبقي فيهم من أصيب وهو عاجز عن النطق، من كان لا يراني وهو يعاني سكرات الظلمة في عينيه.

أخي..

هذه هي الحياة.. الحياة بدون مشاكل وأزمات لا تنمو ولا تحبو ولا تزدهر ولا تستلب الخيرات، لتودع في أيدي من لا يستحقون.

في هذه الرسالة دراسة ذات رؤية نقدية موجزة جداً عن كتاب د. سمر العطار: البيت في عرنوس، أرجو أن ترى النور على يديك، فقد بدأت بتسطيرها في عرنوس، وكان بيتي هناك، عشت فيه عشرين عاماً..

بانتظار رسائلك، وهي البلسم لي، وبانتظار رسائل من الأخ كامل المر، فالغريب للغريب نسيب.

مع كل المودة والأشواق.. أتمنى لكم دوام الصحة والازدهار.. ,أم تميم تهديكم أطيب تحية، وهي في دور النقاهة على صحو أفضل. لكن، وهي كلمة سموها العرب الاستدراك، لكن هذه تحمل أثقال التاريخ كله.. لكن لم تنته بعد من دموعها حول فقدام ابننا وكان اسمه: ريم.. وأنا أحاول كل جهدي أن نتناسى ذلك، ولكن هيهات لقلب الأم أن ينسى!!

أحييك أفضل تحية وإلى اللقاء

أخوك

محمد زهير الباشا
**