أهل الحياة

19/8/1993

الأخ الأحب شربل
تحية الأخوة، تحية الصدق.. تحية الولاء للكلمة الحق.. تحية الانتماء إلى الوطن، ووطني على حق دائماً، وطن دون أنظمته العفنة.

عدت إلى المغترب قبل فترة وجيزة، واكتحلت عيناي برؤية الكتاب عن الملاح الذي يبحث عن الله والحق، ونحث عنه كلنا في هذه المعمورة، وهو في أعماقنا بسمة الحب، نغمة الوفاء، تجليات قصيدة في موقع غزلي محترم.

الاخراج الجديد جاء رائعاً، ولكني ما زلت أحب ذلك الرسم على الغلاف القديم.. وشكراً لك على جمع الكتابين في مؤلف واحد، فأنت لست على استعداد أن تركن إلى ما يسمى بالعربية الاسترخاء، وما عودتنا الغربة الاسترخاء، رغم أهل الاسترخاء على كراسيهم، وأهل الاسترضاء يعزفون لهم سمفونيات خلودهم على ظهر البسيطة.

والكتاب الجديد بهذا الاخراج الجديد لا يسمح لنا بأي نظرة نحو الغفوة، وستبقى دفقات الشباب حية تدفعنا نحو المزيد من العمل، والحياة عمل، والعمل فن، والفن صعب المرتقى، والمرتقى درجاته تصل إلى الله.

فمهما كررت لك شكري على هذه الخطوة فإنني أعتبر نفسي مقصراً تجاه هذا الوفاء الذي افتقده أهل هذا العصر، ولعله كل عصر يفتقد الوفاء، إلى أن يأتي الشاعر أو النبي أو المفكر، فيثبن أن الوفاء عنصر حيوي في حياتنا، لكننا في عصر باع أهل الحياة بدريهمات، وظنوا فتح الشوارع وفاء للشعب، فأكثروا من الجسور، جسور الإسمنت والحديد، ليصلوا الى كل بيت بسهولة، وأضاعوا جسر المودة والفاء.

ولنعش دائماً فرحة اللحظة، فرحة النتاج الذي يشير للاجيال أن طريق النتاج شعراً كان أم قصة أم علماً إلخ.. هو طريق الوفاء والعمل، لا للاسترخاء، لا للتزوير والبهتان، لا لكل شيطان وشيطان.

وعاد إلي شريط الفيديو مترجماً إلى الأمواج الأمريكية وذبذباتها. لقد كانت حفلة التكريم رائعة، ورائعة جداً، فكلمة سعادة سفير لبنان د. لطيف أبو الحسن دبلوماسية المحتوى والهدف، وإلقاء فضيلة الشيخ كامل وهبة جاء على طبيعة المخلصين لله وللناس، وتمنيت لو طالت كلمة الأديب الكبير جورج جرداق، ومبروك هديته إليك، فهي عربون كبير من أكيب كبير لشاعر كبير. والبروفسور نديم نعيمة أجاد بكلمته الطيبة التي أحيت النفوس، أما الشاعرة آآن فيربيرن والأستاذ مايكل هولينغورث، فقد كنت معجباً بترداد اسمك الكريم، وعلى صفحات وجوههم أقرأ وقرأت التعابير الصافية.. والاستاذ كامل المر كما عودنا بعمق تفكيره وأصالة ثقافته ونظرته الثاقبة في مجريات الأحداث،وفوجئت بكلمتي تلقى بشفاه نجوى عاصي وإن اجتزأت منها الكثير. على كل.. هذا مما زاد في فرحتي ومشاركتي المتواضعة بحفلة تكريم أخي وشقيق عمري شربل..

وكانت كلمتك مسك الختام الذي تنسمت منها عطر الايام بشذاها وحبورها، بصبرها المرير ودمعها الغزير. ولا أنسى ما ألقاه الاستاذ رفيق حمودة من عبارات مشجعة ونظره إلى الأمور نظرة واعية.

أكتب الآن بعض الخواطر المتناثرة حول (أرأيت الذي) والذي هذا من الظلاّم والغشاشين وبائعي الضمير، وحملة مشاعل السياط، وفرعون ذي الاوتاد.

كما انني أتابع الكتابة عن عصبة الأدب العربي في البرازيل، الشعراء منهم فقط، وأتمنى أن أنهي الكتابة عن المتنبي الشاعر في غزله وسياسته، مع الاسقاطات المعاصرة في شعره السياسي.

تخياتي للاستاذ الأيوبي، فقد سعدت بصوته وسعدت بوقفته وهو يطل على الحضور، كما كان لكريمته ليلى بتقديمها الأثر الطيب في النفس، وكان لديها حس مراعاة الموقف، الموقف الأدبي في تكريم شاعر ينهل من الحياة ويصنف الحياة.

مع تحياتي للاستاذ نمور ولبقية الاخوة أعضاء الرابطة.

أرجو أن أسمع وأقرأ ملاحظاتك عن المتنبي يجلو مقلتي نسر. والى اللقاء، والجميع بخير وسعادة.

أخوك
محمد زهير الباشا
**