شجرة البؤس

13/10/1990

أخي الأحب شربل بعيني المحترم
سلام الله ورحمته وبركاته وبعد..
فكيف صحتك وصحة الوالدة الكريمة؟ نسأل عن الصحة أولاً فما وراء الصحة الجسدية سوى الصحة النفسية التي نبحث عنها لترتاح أعصابنا وخلايانا من خبايا هذا الزمن.

وكيف أعمالك في التدريس؟ إن شاء الله تكون مرتاحاً .. ألا يكفي الشاعر تزحلقات الدهر حتى يصاب بزمزمات التدريس؟ فهل بقي شيء اسمه الصبر؟

وألف شكر لك وللأخ نعيم برسالته القيمة التي جمعت كل المآسي والجراح وصدأ الدهر على أسنة القلم، فكان جوابه نعم الجواب في أرض اليباب، أرض كولومبس والعنطزة.

بمناسبة العنطزة، أذكر أني كتبت مقالاً عن أناس جعلت عنوانه: المتعنطزون في الأدب.. سأبحث عنه بين اروراقي المصنفة بالفوضى، وهي بالتبعية ضياع فوق ضياع.

الحمد لله أن أخانا كامل في تحسن مستمر، فالموت يبدأ كبيراً وينتهي صغيراً وهذه سنة الحياة.

أعلمني عن مشاريعك الأدبية.. شعرك، زجلياتك، مسرحياتك، لأطمئن على إبداعك، وعلى خط النمو التصاعدي لمؤلفاتك.. إذ من الفطرة بمكان أن يستمر هذا النمو عطاءً متجدداً كلما مرت بك معاناة، أو تحاورت الخواطر والأحلام. وأرجو أن تبلّغ امتناني للبيرق بنشرها: أنت الأحباب فيا سلوة المحزون. فأين هم الأحباب يا أعز الأحباب؟ هل هؤلاء الذين يراؤون؟ هل أولئك الخائفون على مصير عروشهم من أن تنهار؟ هل الاحتلال والاجتياح والمساندة إلا لعبة شطرنج نحن ضحاياها، ونحن باسم الشعب والملك والمستقبل والدين ندفع ثمنها؟ أيجوز لرئيس دولة إمارة أن يكون راتبه، عفواً دخله السنوي 300 مليون دولار، وتنكة البنزين في سورية بـ 300 ل س. تتحدث عن العدالة، فيقولون ويزعمون: العدالة في السماء.. فأقول لهم وعلى الأرض السلام؟.. وهل يعود العقل إلى الادارة والتصميم؟

أما مجلة الانطلاق، فشكراً للدكتور عصام حداد على تفضله، فيذكر لي بعض أسطر من مقالاتي. كقد كنت على صلة وثيقة بالشاعر المهجري الكبير شفيق المعلوف، رحمه الله، وأنا بعد في أول طريقي باتجاه النقد والاطلاع والبحث عن أسرار هذا الأدب المهجري.

أما الآن: فإنني أنتظر إنهاء الأخذ والعطاء بطباعة سلسلة النجباء، قصص للأطفال، إذ يود الناشر ان يستنزف دمي من اجل طباعة القصة الاولى، وأرجو أن تتم طباعة المتنبي قريباً، في حال الانتهاء من الطباعة ستكون أولى النسخ بين يديك. لكنني أفكر.. هل إذا أرسلت للأخ عصام حداد بعضاً من قصص الأطفال فيتمكن من طباعتها وإخراجها ونشرها وتوزيعها؟ وهل يمكن أن أوافيه بنفقات معقولة عن ذلك، ونتفاهم بالأمر معاً؟ لا أدري.. فأحوالي المالية لا أفقه بها شيئاً ولله الحمد.. أم أستمر مع دار النشر هنا وليكن الطوفان. سأجرب. فما هو رأيك؟ وهل تفضل أن تكون الطباعة والنشر والتوزيع بإشراف أخينا د. عصام حداد؟ ربما تتم طباعة كتاب: بحبك زينت أشعاري. ثم أنتقل إلى طباعة كتاب: في ألدب المهجري، مع الاستمرار بطباعة قصص الأطفال.

نبضة حب أقرؤها برسالتك تشجعني على أن أكتب رغم شجرة البؤس التي تستيقظ في أعماقي، لكني لا أسمح لها أن تبني للأنياب أوكاراً.

لك من قلبي المودة والأخوة، وللإخوة الشعراء والأدباء كل الاحترام والتقدير، وللوالدة الكريمة كل التحية والسلام والدعاء أن يجمعنا الله في أرض الأرز.. أرز الخير والبركة.

مع هذه الرسالة (نظرية الانسطاح الزيتي) فإن أعجبتك انشرها وإلا فارمها في المحيط الهادي، فالزيت على الماء يطفو.

واسلم لأخيك
محمد زهير الباشا
**