قيثارة آلام

فرجينيا/22/10/1992
أخي الأعز شربل بعيني المحترم
تحية الصدق والوفاء أبعثها إلى قلبك العامر بالأخوة والانسانية، في زمن تتهاوى فيه البشرية على أرض الوطن إلىأسفل سافلين، إلا الذين رحمهم ربك فصبروا وصابروا.

لقد ذبحتنا المتاجرة بالمعتقدات المنزلة والأرضية، وازددنا كل يوم معتقداً، وكل يوم كتلة، وكل يوم عصابة تفرخ، فالنفق الناري تسير فيه بصمات المستضعفين، وقد فقدنا حسن الوازن، فارتضينا بالهاوية تلو الهاوية، حرصاً منا على المصلحة العامة، وبدأت المتاجرة، فباع إخوة يوسف دم أخيهم، وباعت إمرأة فرعون قميص يوسف، وباع يوسف واقع زنزانته بقراءة حلم، والكوابيس تعم العواصم المصابة بآلام القواصم.

وكنت وحدك تناجي ربك، ومعك مزودة الزيت تمسح بها أجفان المعذبين، بالكلمة مرة، بالأمل ألف مرة، بالغضب مرة، وبتضميد الجراح ألف مرة، إلى أن وصلت مناجاة قلمك إلى علي بن أبي طالب، هذا الرجل المؤمن على البداهة: أن الخير بجانب الخير مكرمة، لكنهم تاجروا بآرائه وباعوه بثمن بحس، وكانت ضربة سيف، ثم مزقوا صفوفه، وعرقلوا تاريخه، واشتدوا عليه مدحاً، بعد أن وسعوه ذماً وقدحاً.

أخي شربل..

غربتنا قيثارة آلام ما أن تمسها أناملنا وتسمع همومنا، حتى تنشد معنا وهج نبضاتنا.

لك حبي وأمنياتي مع أطيب التمنيات لكل من ساهم في المناجاة.

أخوك
محمد زهير الباشا
**