
3/3/1991
أخي الأعز شربل بعيني المحترم
أطيب تحية أرسلها إليك وإلى الاسرة الكريمة.. وبعد
فقد مزق القلق أعصابنا والأتون يحرق ولا يحترق، وننتظر البسمة من كلماتك لتشدني بها إلى شاطىء النور، فأستظل بكلمتك، وأعيش برفرفتها، وهي منك في موضع القلب، وهي مني القلب كله.
ونحن نقرأ الأحداث مرثاة ودموعاً، وتمنيت أن تلتقي الشوارع العربية كلها في ساحاتها العامة لمأدبة هي: الندب واللطم والعويل.. لعل مثل هذه المآدب تنوب مناب مؤتمرات القمة المصطنعة المؤلفة من ولائم وقبلات ووداع وقرارات، تظن بعدها أن الجنة قد هبطت إلى هذه الدنيا، ولكن هيهات هيهات لما يوعدون..
من الاستيلاء والأسر والقلاقل.. إلى الاشتبكات والتدمير.. إلى الحرب والنهب والسلب.. إلى المعارضة والتصريحات والمشاريع ذات المخاطر.. تساقطت بقعها الدموية صفحات فخرية في تاريخ هذه المنطقة، وطن المآسي والدموع.
تمنيت أن ألتقي بالشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي، لكن الظروف لم تسعفني، فقد عرفت موعد ندوته الشعريو عقب انتهائها، لكني التقيت بالفنانة القديرة والممثلة البارعة هيلدا زخم في عمل فني تقوم به. واليوم الاثنين سنلتقي في حفل تقيمه شركة حياة للانتاج الفني، ولي في هذا الانتاج الفني قصة إذاعية هي قصة: الضفدع الصغير، أما هيلدا فتشارك في عمل إذاعي أيضاً باللهجة الشامية العريقة. لا أدري ما الذي حدث لإنتاج هذه الشركة؟ أرجو لها التوفيق بأن تتقدم شبكات التلفزيون والاذاعة لشراء هذا الانتاج.. انها مجرد فرع للعمل الصبور.
مجلة غربة تأخر صدورها، ربما الشهر القادم، تنتشر آلام المغتربين في مجلة، وأي صفحة تجمع هموم الهاربين من ظروفهم الهالكة؟
المنتدى العربي، نادي التراث العربي، تأجل افتتاحه، ولعل عودة الشرعية إلى الحياة، شرعية القلم بأن يكتب بحرية لمثل الظروف الطاحنة التي مرت بنا.
أرجو أن تكون قد وصلتك نسختان من (العصفور الجريء).. على كل مع هذه الرسالة نسختان أتمنى أن تصل إلى أناملك كل العصافير الجريئة.
وليس لنا سوى منابر الشعر ملاذاً لكل الأجنحة التي أراد جبران أن يعيد إليها لحمتها، لكنها ظلت أجنحة متكسرة في مواكب توزع الرمل والزبد، والنبي يطوف حول القلوب ليجفف الدمعة وليقرأ البسمة.
أنتظر بفارغ الصبر أخبارك الطيبة وأخبار الرابطة وأخبار نشاطاتك، لكن الذي آلمني هو إلغاء اسمي من قائمة المستشارين لمجلة الثقافة، إذ وصل إلي عدد شباط 1991، وفوجئت بهذا الإلغاء غير المبرر، سامح الله أخانا الشاعر مدحة، كما فرحت لما لاقت قصيدته من ترحيب.
أحاول كل جهدي أن أسهم بالنشاطات الأدبية والفكرية عقب مرحلة الفتنة الدموية في الخليج، لن أدخر وسعاً في كل المساهمات لعلها تصيب، فمن مسرحية إلى منوعات، إلى سهرة فنية، إلى فلكلور سوري لبناني معاً، وهذه الأمور تتحقق يوم أن يفتح النادي أبوابه.
ليبارك الله خطواتك، ولتبقى كلمة الحق معززة بأهلها، راسخة الجذور بأصالة أبنائها.. وبانتظار رسائلك، أشكر لك مخابراتك الهاتفية، راجياً لك وللاخوة الشعراء والادباء كل الخير.
لك كل المحبة والتقدير
أرجو أن أطمئن على وصول رسالتي وبها نسختان من قصة العصفور الجريء.
مع هذه الرسالة مقالة عن (شظايا عيون مجربة).. وأرجو أن تعلمني هل باستطاعتي طباعة قصص الأطفال في لبنان عند أخينا عصام حداد؟ أخبرني بذلك رجاءً علماً بأني أرسلت إليه نسخة عن القصة على نفقتي طبعاً.
أخوك
محمد زهير الباشا
**
